12 أكتوبر 2025 - 09:00
مصدر: أبنا
خطة سلام أم وقف إطلاق نار مؤقت؟

ترامب، كعادته، قدّم هذه المبادرة بوصفها إنجازاً شخصياً، من دون أن يقترب من جوهر الصراع: الاستعمار المستمر، وإنكار الدولة الفلسطينية، والإفلات الإسرائيلي من العقاب. إنّ وقف إطلاق النار قد يوقف القنابل، لكنه لا يعالج جذور الألم. فطالما لم ينتهِ الاحتلال، سيبقى كل وقفٍ للنار مجرّد هدنة مؤقتة قبل الانفجار القادم.

وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ عندما أعلن دونالد ترامب عن مقترحه لإنهاء الحرب في غزة، استقبله كثيرون بوصفه «خطة سلام تاريخية». غير أنّ التمحيص في تفاصيلها يكشف أنّها ليست اتفاق سلام حقيقيّ، بل وقف إطلاق نار مشروط، واستراحة مؤقتة تثير من الأسئلة أكثر مما تقدّم من الإجابات. 
 
تنص الخطة التي عرضها ترامب على وقف فوري لإطلاق النار، وتبادل للأسرى والمعتقلين، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وانسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية. كما تتحدث عن إدارة «تكنوقراطية» فلسطينية تتولى مؤقتاً إدارة الشؤون المدنية في غزة تحت إشراف دولي. لكن ما يتجاوز هذه الخطوط العامة هو الغياب الكامل لأي أفق سياسي حقيقي: لا ذكر للسيادة الفلسطينية، ولا لحق العودة، ولا لإنهاء الحصار والاحتلال اللذين يغذيان كل انفجار جديد للعنف. 
 
ترامب، كعادته، قدّم هذه المبادرة بوصفها إنجازاً شخصياً، من دون أن يقترب من جوهر الصراع: الاستعمار المستمر، وإنكار الدولة الفلسطينية، والإفلات الإسرائيلي من العقاب. إنّ وقف إطلاق النار قد يوقف القنابل، لكنه لا يعالج جذور الألم. فطالما لم ينتهِ الاحتلال، سيبقى كل وقفٍ للنار مجرّد هدنة مؤقتة قبل الانفجار القادم. 
 
أما حركة حماس، فقد قبلت من حيث المبدأ مناقشة تبادل الأسرى وانتقالاً إدارياً محدوداً، من دون التنازل عن المقاومة أو تسليم غزة سياسياً من دون ضمانات حقيقية. في المقابل، ترى إسرائيل في الخطة فرصة لفرض ما تسميه «سلاماً إدارياً» يُبقي على سيطرتها العسكرية والاقتصادية. وهكذا، يفسر كل طرف النص وفق مصالحه، مما يجعل مستقبل الاتفاق غامضاً ومفتوحاً على الاحتمالات. 
 
الدول العربية التي تساند الوساطة، مثل مصر وقطر والأردن، تدرك جيداً أنّ أي حل لا يشمل الضفة الغربية والقدس ورفع الحصار كلياً لن يدوم طويلاً. فالسلام الحقيقي لا يُملى من واشنطن ولا يُفرض بالشروط، بل يولد من الاعتراف الكامل بالشعب الفلسطيني وحقه في أن يعيش حرّاً على أرضه. 
 
إنّ خطة ترامب، بصيغتها الحالية، ليست أكثر من وقف إطلاق نار يحمل طموحاً دبلوماسياً. وقد تكون بداية لمسار أكبر إن تحولت إلى عملية جادّة نحو إنهاء الاستعمار وتحقيق العدالة. أمّا إذا بقيت مجرّد اتفاق مؤقت بلا ضمانات، فستسجَّل في التاريخ كحلقة جديدة من التلاعب السياسي المتستر بقناع الأمل. 
 
ويجب التأكيد على مبدأ أساسي اصرت عليه المقاومة:لا يمكن لأي اتفاق أو تفاوض بشأن مستقبل فلسطين أن يكون شرعياً ما لم تشارك فيه جميع الفصائل و الأطياف الفلسطينية. فالشعب الفلسطيني، بكل مكوناته ووحدته الوطنية، هو وحده صاحب القرار في تقرير مصيره. 
 
وفي الأثناء، يواصل الشعب الفلسطيني دفع ثمن الإفلات من العقاب الدولي. وكما في كل مرة، يبقى علينا أن نذكّر بأنّ السلام لا يُبنى بالوعود، بل بالحقيقة والعدالة والحرية. 
 
الافتتاحية – UPAL – 11 تشرين الأول/أكتوبر 2025 
تحرير اليوم؛ الاتحاد الفلسطيني لأمريكا اللاتينية (UPAL) 

...............

انتهاء / 232

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha